تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88040 مشاهدة
قول ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه وشرحه

يقول: قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس - أبو الزناد من صغار التابعين يظهر أنه أدرك ابن عباس - قال ابن عباس - التفسير على أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
هذا الأثر مشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما والتفسير الذي تعرفه العرب: هو الكلمات العربية التي يُرجع فيها إلى لغة العرب، ولهذا يستشهد المفسرون بأبيات العرب، بلغة العرب، بالنظم الذي يذكرونه والذي يعرفونه، فإن العرب يسمون الأشياء بأسماء اصطلحوا عليها، فلذلك استشهدوا بكلامهم.
ابن جرير أكثر من رأينا يستشهد بنظم العرب على الكلمات العربية، حتى الكلمات الشرعية لما أتى على ذكر الصلاة استشهد عليها ببيتين من شعر العرب بقول الشاعر:
وقابـلهـا الريــح فـي دِنِّهــا
وصلــى علــى دِنِّهـا وارتسـم
وقول الآخر:
................................
وإن ذبحت صلى عليها وزمزما
وفسر الصلاة هنا بأنها الدعاء، ثم ذكر ابن كثير -زيادة- أبياتا وكلها للأعشى .
فالحاصل أن العرب تعرف المسميات، تعرفها، والقرآن نزل بلغتها؛ فلذلك يرجع إلى لغة العرب. كان كثير من المفسرين أو من اللغويين يسافرون إلى البلاد النائية إلى البوادي، يأخذون الكلمات الفصيحة من العرب. فمثلا الكلمات التي تعرفها العرب بقيت على مسمياتها، كقوله تعالى: حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ القمر، يعني: كثير من الناس لا يعرفون العرجون، ولكن نظرنا إلى أصله في لغة العرب وإذا هو: قنو النخل؛ لأنه إذا يبس تقوس أصبح شبه نصف دائرة، فالقمر يكون كذلك في آخر الشهر، هذا العرجون.
كذلك مثلا قول الله تعالى: فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا كلمة الهباء؛ يعني: شيء قد يحتاج إلى معرفته بلغة العرب، فيسمى الدخان مثلا هباء، وكذلك الشيء الخفيف الذي تطير به الرياح كقوله تعالى: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ يعني أنه إذا طارت به الرياح أصبح كأنه هباء.
كذلك مثلا قوله: كَلَّا لَا وَزَرَ كلمة ( لا وزر ) هذه أيضا كلمة عربية يُرجع فيها مثلا إلى كلام وتفسير العرب، وإذا نظرنا في السياق وإذا معناها أنه لا مفر للإنسان، لا وزر يعني ليس له مفر ولا مهرب ولا مخرج في يوم القيامة.
وقد تكلم كثير على مفردات القرآن، وممن خصها بالتأليف الراغب له كتاب يسمى مفردات القرآن للراغب يعني: لغة القرآن، اللغة التي هي كلمات تحتاج إلى الرجوع إلى العرب، وقد يحتاج في تعريفها إلى معرفة اصطلاح الشرع أو معرفة استعمالها شرعا، وقد يكون أيضا معرفتها بما يدل عليه السياق.